منتديات توات العربية العالمية

العودة منتديات توات العربية العالمية > المنتديات العلمية والثقافية > ثقافة ومعاصرة

الملاحظات


www.storegoo.com


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم02-09-2011, 05:50 PMرقم المشاركة : 1
yasine
:: عضو نشيط ::

الصورة الرمزية yasine






علم الدولة

المستوى :

الحياة/ 0 / 169

النشاط 26 / 6553
المؤشر 77%

yasine غير متواجد حالياً


yasine


ماذا ينقمون من الشيخ الألباني ؟!



ماذا ينقمون


مقدمة :




إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.



وأشهـد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.



وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.



أما بعـد:



فلقد قرأت هذه الرسالة النافعة – إن شاء الله تعالى - ، والقاضية بإذنه سبحانه على إرجاف المرجفين، وأباطيل المبطلين، وذلك بجمعها لشتات ما تفرق من فتاواي المنثورة في الأشرطة والمجالس حول وجوب الهجرة من البلاد التي يغلب عليها الكفر والفجور والفسق؛ بحيث لا يستطيع المسلم – معها – الحفاظ على دينه أو نفسه.



ولقد استغل بعض ذوي الأغراض الشخصية والأهواء النفسية هذه الفتيا أسوأ استغلال وأرخصه، ووظفوها لتحقيق (مآربهم) وتنفيذ (مخططاتهم) !



فجزى الله خيراً صاحبنا الفاضل الشيخ أبا مالك محمد إبراهيم شقرة على ما بينه وكشفه في رسالته النافعة هذه، بما لا يدع مجالا لمتشكك، أو مكانا لمتقول.



وإذا كان لي من كلمة أقولها بهذه المناسبة فهي أنه قد أتصل بي بعض (التجار) الصحفيين، محالا أن يجرني بكلمات معسولة إلى الدخول في حلبة الرد على المخالفين؛ وذلك بأني فرد لي – كما قال – زاوية خاصة ! وكنت أود – لو كان عندي فراغ من الوقت – أن أستجيب لتلك الرغبة، لولا يقيني أن جل هذه الصحف – إن لم أقل: كلها – لا يهمها إحقاق الحق، أو إبطال الباطل، بل هي تنشر كل ما هب ودب مما هو ظاهر البطلان.



ولا أدل على ما قلت من نشر إحدى هذه الصحف مقالة ذاك (المجاهد) المزعوم، والناشر لصورتي اختلاسا؛ حيث عنون – هو أو القائم على النشر؛ وأحلاهما مر – المقال المشار إليه، وبالحرف الكبير : " الألباني كان من الإخوان المسلمين" !!

والقاضي والداني يعلم أننا لا نؤيد كل هذه التكتلات الحزبية، بل نعتقد أنها مخالفة لنصوص الكتاب والسنة.



.. وإلى غير ذلك من أكاذيبه وافتراءاته.



ومما حملني على الامتناع عن خوض هذا المعترك الصحفي أنني كنت دخلت في تجربة مماثلة مع بعض الصحف منذ بضع سنين، حينما نشرت أربع مقالات متتابعة في بعض الجرائد رداً على أحد الكتّاب المعتدين على السنة، وإذا بي أفاجأ بامتناع صاحب الجريدة عن الاستمرار في نشر بقية الرد !!



ومثل هذه التجربة كثير وكثيــر.



فهذا وذاك مما حملني على أن لا أحشر نفسي للرد على أولئك المبطلين، لأنهم لم يضمنوا ردودهم ما يدل على أن غايتهم نصرة الحق الذي بدا لهم، وإنما هي الأهواء الشخصية والأغراض الحزبية! ولولا هذا لرددت – على الأقل – على أولئك الدكاترة العشرين ونيف؛ لأنهم كانوا مهذبين في ردهم، ملتزمين أدب الشرع في ذلك.



ولكن أيــن كــانوا - وفتاواهم – في حرب الخليج؟ وقبل ذلك الجهاد الأفغاني؟ و… و…



بل أين هم – وفقهم الله للخير – من خطبة فقير العام ذاك (!) الذي هو رأس الفتنة؛ حيث نفى صراحة أن يكون هناك ديار إسلامية؟! بل قال بالحرف الواحد ما نصه : "ما أرى إلا أن الهجرة واجبة من الجزائر إلى تل أبيب" !! وقال: " لو خيرت – أقسم بالله – أن أعيش في أي عاصمة عربية لاخترت أن أعيش في القدس تحت احتلال اليهـود" !!



فهل هذه الأقوال يا معشر الدكاترة! أخطر وأضل، أم القائل بوجوب الأمر الذي هو قول جميع العلماء؟!



فسكوتكم عن هذه الأقوال – التي لا نشك أنكم معنا في بطلانها وضلال صاحبها، فضلا عن أقواله الأخرى الصريحة بتكفير القائل بالهجرة من تحت الاحتلال اليهودي- لأكبر دليل على أن اجتماعكم في الرد على القائل بالهجرة المشروعة، وسكوتكم عن فقير العلم ذاك لم يكن خالصا على نهج العلم الصحيح، وهذا أمر قد انكشف لكثير من ألباء المسلمين.



وأقول أخيرا لكل المرجفين: من أجل هذا كله لزمن الصمت؛ داعيا ربي جل وعلا أن يجعل الدائرة على الظالمين المبطلين وقائلا: اللهم إني مظلوم فانتصر، والعافية للمتقين.



{وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ}








§ {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌوَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور:15]



§ "وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟!"





§ رُبَّ كلمةِ قالت لصاحبها: دعنـــي!


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.



وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.



وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.



أما بعــد:



فهذه رسالة قد زبرتها إجابة على إشكال فرضه واقع أليم عاشه بعض أفراد الأمة، وتناقلوه بينهم بحقد بالغ وجهل سابغ!!



وإن من الإنصاف – قبل الإجابة عن السؤال الذي هو عنوان رسالتنا – أن نتعرف شيئا من سيرة الشيخ، تضعنا أمام حكم له أو عليه؛ صواب أو قريب من الصواب، حيث نقف على فتوى من فتاواه، أو رأي من آرائه، ينتهي إلى أسماعنا، أو يصل إلى أبصارنا بنقل أمين، من ثقة ثبت، عدل، ضابط في عقله بري من الهوى وحب (الأنا) - ، عن مثله إلى نهاية الطريق الواصلنا بهذه الفتوى، أو بهذا الرأي.



وبخاصة في زماننا هذا، الذي نهدت فيه رغائب الأمة إلى شعاب التفرق والأهواء، واستطالت فيه آراء العقول من غير هدى ولا كتاب منير، واعتسفت فيه مائدات السوء بالناس إلى سراب بقيعة، فصاروا إلى ضياع في الحق، وإقلال في الورع، وتكاثر من الباطل، فأضحوا – كما قال عليه الصلاة والسلام - : " كإبل مئة لا تكاد تجد فيهم راحلة" .



والشيخ حفظه الله - في زماننا هذا – راحلة علم عالية السنام، تامة الخلق، متماسكة البناء، تغدو إليها رواحل العلم خفافا خماصا، وتروح عنها ثقالا بطانا، فقد أنعم الله عليه بعلم، أوثقه إلى القرون الأولى، وأقامه على جادتها، وأراه فيها من آيات العلم الكبرى، فكان لزاما عليها أن تقصده في رغبة مقسطة تعرف له بها حقا لا تؤديه إياه، إلا أن تأتيه بهذه الرغبة، فلا يرتد طرفها عنه إلا بأخذها منه حظا وافراً، تعرف به أنه حظ لا يكون إلا منه، وأن الشيخ ما نيل منه بأذى ولا ينال – إن نيل – إلا بسببه، فالحسد في الناس قديم، وكان لا يحسن أن ينال من الشيخ من أمته به، ولكن، حين أقعدها الحسد، وفتكت سواه بأسباب العزة فيها، وضلها غرورها، وجدت نفسها موثوقة إلى عجزها، ولم تر في الشيخ إلا ظلا عارضا، وقديما قيل: "وما آفة الأخبار إلا رواتها" !



وما حل بالأمة على يد فقهائها في هذا العصر، وما نال منها أعداؤها على يد أشياخها؛ لم يأت – ولن يأتي – لها بخير، وحين تبصر من نفسها، - وتفطن – إلى أنها منكرة جاحدة نعمة الله عليها، إذ تمسك عن الإفادة من علم الشيخ، والإقبال على مجالسه، والتواضع عنده، فإنها حينئذ تكون قد عرفت للعمل قدره، وللعالم حقه، ورسول الله r يقول : "ليس منا من لا يعرف لعالمنا حقه".



وإن تتابع الإغارة على الشيخ، ممن ينسبون أنفسهم إلى العلم لا ينبئ إلا عن فساد وشر، ورغبة في الإمعان بالباطل، ورغبة في العلم الصحيح، والوقوف عند بداياته، والظن السيئ بالمسلم في نفسه وفي غيره، وإلا فما الذي يحجزهم عن لقياه، ونصحه من قريب إن كانوا يرون ما يستوجب النصح له، والتعرف إلى منهجه العلمي؟!



وليس ينبئ عن الشي مثله!! أو لم ير أولئك الأشياخ فسطاط علم الشيخ يمتد ويمتد كل يوم، ويأوي إليه الألوف من المسلمين، بل الملايين الذين استنارت بصائرهم في كتبه، ورسائله، وتسجيلاته، من بعيد ومن قريب، في حين يرون (المشايخ) و (الأشياخ) و(الشيخة) و(المشيوخاء) يصرون على عداوته، والطعن عليه، وتجريحه، والقول فيه ما لم يقله أهل الجاهلية الأولى!



إنها والله الفتنة، فتنـة النفس الأمارة !! القرارة الجرارة !! البوارة المـوارة!!



إنها أمشاج العلم تتهارش في ردخة خلائف التعصب، من بعد تلكم المنارات التي علت في سماء القرون، وضوات آفاق الحياة، وأقبلت إليها ركائب طلاب المعرفة من كل الأقطار، تنهل من معينها الثر الصافي ما يغنيها عن تلمس اليسير منه، في غير المدينة، ودمشق، والقاهرة، وبغداد، وقرطبة، وصنعاء، وبيت المقدس.



فلله تلكم الأيام والأمصار، ويا حسرة على ما فرطت فيها القرون والأحقاب من بعد !!



ولكأن الله سبحانه أراد ببلاد الشام خيراً حين قضى أن يجعل واحداً من مهاجرتها كفواً لأولئك الأعلام السابقين، فيضع على منكبيه رداء علوم السنة؛ فيكون الإمام المقدم في عصر أجدبت فيه الأرض من مثله، وأبت – حتى على نفسها بإذن ربها – أن يكون له ند إلا نفسه، فما رأت عيون المنصفين في عصره مثله، وإن كره الشانئون، وخارت أصواتهم، وبرمت بهم نفوسهم من غل أثقلها، ومن حسد أقعدها، ومن روغان عن الحق أبعدها!!



لقد أعاد الشيخ حفظه الله عيبة العلم ملأئ، بصدق رغبته، وجلادة نفسه، وثقوب بصره، وطول معاناته، وعزمه أن تعود سنة الرسولr إلى الظهور من جديد في الأمة، لتكون موئل العلماء وطلاب العلم، ومربد العقول، ومزدحم العزائم، ودارة الحق والهدى.



وقد كان ما عزم عليه ونذر نفسه له – جزاه الله خيراً – سبيلا ومهيعاً سعى به إليه في داره في عمّان- عمن الله الخير إليها، ودام مقامه على جبلها ووديانها – وداره في دمشق الشام – أرزى الله بفاسقيها وأعلى قدر صالحيها – طلاب العلم، زرافات ووحدانا ، يسمعون منه فيغنيهم عن سواه، ويأخذون منه فلا يسألون أحداً بعده، - لا لذات شخصه وإنما لأفق علمه ؛ فقد كتب الله له الحب في قلوبهم، والثقة بعلمه في عقولهم، فأنالوه من حبهم، وأنالهم من علمه كفاء هذا الحب، وسارت كلماته وفتاواه وأقواله في الأرض مسير الليل والنهار، وأنا الله بها عقولا وقلوبا، وأحلها منها مقاما رضيا؛ لما رسخ فيها من منهج الدليل، الرافض لمحض الأقاويل، دون تعصب مقيت، ولا تقليد مميت!



وهنا لم يعد في وسع زعانفة العلم، وخفافة البالية، وطيالسه المهترئة أن يصبروا، فأجمعوا أمرهم بليل، وأوجفوا عليه بفحيح أصواتهم في نهار، وأوضعوا بمكرهم في المكتبات ودور النشر سراً وعلانية، وتواصوا فيما بينهم بوجوه مكفهرة عابسة- تارة – وبوجود مسفرة ضاحكة – تارة أخرى –؛ لكأنما غيبت عن عيونهم عداوات مجتمعة، وعن أسماعهم جلبة أصوات أعداء الأمة متعالية، ولم يبق أمامهم إلا صورة ذلك الشيخ، ولم يقع في أسماعهم إلا صوته- لأنه بقية جيل عدول الأمة النافين عنها الجهل والتحريف والانتحال -، فراحوا – لواسع جهلهم – يمكرون به، ويمعنون في مكرهم، ويولبون عليه ويصرون على إذايته، ويكذبون عليه، ويرون في كذبهم قربة يوغرون بها صدور من لانت لهم قناة الفتنة، ويأتونها من غير تلبث، ينظرون إليها من طرف خفي، فإن أصابهم منها شر أعرضوا ونأوا عنها، وإن أصابهم منها خير أقبلوا ودنوا منها، شأنهم في ذلك شأن من عناهم الله جل شأنه في قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}.



ولقد علموا في أنفسهم أن مرقاة علم الشيخ صعبة، فكان خيراً لهم وأقوم أن يبسطوا إليه أيديهم لينالوا من علمه، وما كان ليضن عليهم بما آتاه الله منه، إن هم أخلوا عقولهم وقلوبهم من الهوى، والكبر، والحسد، فيكون لهم منه حظ وافر سماعا وتلقيا، كذلك الذي كان لهم من كتبه ومؤلفاته الكثيرة، التي ملأت طباق الأرض، وشهد بفضلها عقلاء الناس، حتى في ديار غير ديار الإسلام، وهذا مما يزيد في حزن النفس، ويربي من أسى القلب، أن يجد الشيخ النصفة والتقدير في أصقاع الدنيا، وسهام المشايخ (المشايخ) تنثال عليه من وراء ظهره، ويكأن الشياطين لم تجد مثل ألسنتهم وأقلامهم ودفاترهم، لتنيل الشيخ حسناتهم وتذهب عنه سيئاته، ثم لا تجد لها مأوى أحسن منهم !!!



لقد – والله – أذكر علم الشيخ بعلم السابقين – ولو كان في زمانهم، لعرفوا له قدره – فأبلس هؤلاء المشايخ، ورأوا أنهم لا يذكرون إلا في زمان صوحت فيه الأرض إلا منهم !! فزادوها جدبا إلى جدب، وكانوا فخرها حيث لا فخر لها ونحيبها الذي لا يسمع !! نعم؛ أذكرنا علمه بعلم السابقين الذي استقروا في عقل الزمن، وطوفت آثارهم في آفاق الأرض، وأمضوا على الحياة عهدا أن تخلدهم ما دامت تمد الأحياء بذكرها، فكان حقا على أهل زمانه من المشايخ أن يكونوا له بالوفاء على ذروة سنامه، لا أن يوسعوا له في صدورهم المعتمة، حقدا، وطعنا، وإفكاً، فيكونوا على واخزة الإثم، ترضيهم بسافك الطاعة، وتسقيهم من حميم الإفك الآسن، وترخي لهم زمام الغرور في أرديتهم الفضفاضة، أو سراويلاتهم الواصفة، أو لحاهم المغيبة، أو نعيبهم من فوق المنابر التي ابتليت بهم، أو شقشقات حواصلهم المترعة بالجهل والهوى والحسد!



ويمضي الشيخ على جادة العلم اللاحبة، غير عابئ بكل ما يحيكون له من مكر سيئ، ولا ملتفت إلى ما تكنه صدورهم من غل واجف، لا يسمع بعداوتهم إلا طنينا خافتا، يغيب في صدى صوته المذوي في آفاق الزمن الحاضر والمستقبل، ويذهب في صرير قلمه الذي دون عشرات الألوف من صحائف العلم، ويتلاشى في صبره المحتسب الذي أغضى حياء أمامه ظلم الألوف المائرة منها، وهل يكون له من بعد إلا بشارة ترسمها أمام ناظريه، ويطرب توقيعها الأخاذ أذنيه؛ {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}، {وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ}.



وللشيخ – حفظه الله – من الحب في قلبي ما لو اجتمع الثناء كله إليه لكان دونه- من غير غلو فيه أو تعصب له-، لذا فإني أربأ بحبي إياه أن ينقصه ثنائي له، ليبقى وافيا بهياً يزهو بأريج الصفاء والإخلاص والوفاء فوق سويداء القلب، غير منازع حتى بالثناء الجم الوفير، الذي تستبقه الألسنة والأقلام في شتى بقاع الأرض، ومنهم أولئك الذين يملأون أجوافهم بفتات علم مائدته، ثم يلوذون بأنفسهم على غير وفاء له وإنصاف منهم ولو لأنفسهم هم !!



على أن منزلة الشيخ في دنيا الناس، ترومه هو على الثناء على نفسه، فيمسك من خشية وأدب – إذ هو أهل لأن يقول في منزلته هذه قول نصفة، بيد أنه يأباها، فتقول عنه منزلته: ما رأيت حقاً مثله – وكيف لا يكون كذلك، وقد قام اليوم- بواجب عجزت عنه الأمة- أو كادت- تجاه السنة النبوية المطهرة؛ فتح الله به عليه من معارفها المعهودة، وأضاف أخرى إليها، عرفت به، وأخذت سبيلها إلى تلك المعهودة.



فاهنأ أيها الشيخ الإمام بما أحرزت من قلوب محبيك، من جوالب الحب إليك، حرمته قلوب شانئيك، أغرقتهم فيه آثام الحسد والهوى والبهت، فمتى يفيق أولئك من ردخة الخبال، التي أنتنتها عصارة الكبر الصاغر، والبهت الجائر، وألإثم الحائر، والبغض الفائر، والمكر البائر، والإفك الغائر؟!



وللشيخ – نفع الله بعلومه – تفرد علمي يقوم على أسس قوية؛ أهمها :



1- وضوح منهجه العلمي بكل مراحله وسماته، وقواعده، وأصوله التي يقوم عليها.



2- قدرته الحوارية؛ التي أمكنت لها في عقله إحاطته الواسعة بالسنن والآثار والأخبار.



3- حجته البالغة؛ التي تداعت إليها الحجج، وتناهت عندها الأدلة، فأصاب منها قدراً، أعجز بها خصمه.



وهذه الثلاثة، أفضت به إلى رابعة، وهي:

4- شدته في الحق الذي يراه بما عنده من دليل، وجرأته فيه، ولو عاد عليه بعداوة رعاع الناس، فالعالم لا ترهبه عداوة الأعداء ولا (ينعشه) حب الأصدقاء والأولياء…



وفتاواه الصريحة الجريئة التي تناقلها الناس، وشاعت في أرجاء الأرض – في مناسبات شتى – شاهد عدل على ذلك.



وليس يعزينا في البلاء الذي يحل بالشيخ – حماه الله – إلا ما نعرف من البلاء الذي نال – في العصور كلها – من أئمة الهدى، وأعلام التقى؛ فصبروا على ما أوذوا، بل ما زادهم الأذى إلا إيمانا وتسليماً؛ كأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد بن حنبل، والبخاري، وابن تيمية، وغيرهم ممن بعدهم أو قبلهم.



وأين الأذى الذي صب جامه على مدى أربعة عشر قرنا على علماء الأمة ودعاة الحق فيها، من الأذى الذي نال من رسول الله r؟!



وما أحسن، وأروع، وأجمل ما قاله r معزياً أمته: "إذا عظمت مصيبة أحدكم فليذكر مصيبته فيّ ".



وليس يحسن أن يغيب عن فطنة البليد- بله الحديد- أن الطعونات التي رمي بها الشيخ حفظه الله من أولئك لم يريدوا بها الشيخ ذاته، بل أرادوا من خلالها المنهج الحق الذي انتهجه، وتبناه، ودعا الناس إليه، حتى كأنه صار يعرف به ولله الحمد في هذا الزمان.



ولقد نظرت في صنيع واحد من فقراء(1) العلم هؤلاء- تطاول على الشيخ، وأجلب عليه بلهاث صوته، وقعقعة أميته وجهله، وطابت سريرته بقبيح صنعه، وأسفرت له عن صفرة نفاق، واستبانت له عن جنون مرذول – فما وجدته على شدته وقبحه، يعدل أقل القليل من الأذى الذي لحق برسول الله محمد r.





ومع ذلك، فقد أجهدت نفسي في البحث عن مفردة واحدة، مما زخرت به معاجم اللغة، وفاضت به دواوينها وناءت به أسفارها، أصفة بها، فلا – والله – ما عثرت عليها، وقلت في نفسي: هل ضاقت اللغة ذرعاً بتلك المفردة؟! أما ماذا؟!



وبعد تأمل ونظر، عرفت أن اللغة قد غلبها الحياء بما أقسم هو عليها أن لا تبدي لي عن مثل هذه المفردة تأثما أن تذكر به – ولو في كلمة مما تحسن به واصفة قبحه – أو تنزهاً عن أن يكون له ذكر في حروفها، فنفرت نفار المتنزه المتأثم، وأبرت بقسم الحياء، وأبت علي مفرداتها أن تُسفر عن معانيها، أو عن حرف منها !!



وليس صعباً على من يخاصم من مكان بعيد بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير؛ طاعة لإبليس، ووفاء له بالعهد – من فوق المنابر ومن تحتها، من فوق القباب الخضر ومن تحتها، من وراء الجدر المسندة ومن أمامها، من غياهب الغرف المظلمة ومن ظهورها – أن يجيش بكلماته الهوجاء جيوشاً، ويدمر دولاً، ويفني قبائل وشعوباً، ويمحو ما يشاء ومن يشاء، ومتى يشاء، وكيف يشاء، وأنى يشاء، ويثبت! يرغي بذلك ويزبد، ويفري فري الهاذي الأحمق المعربد، ويقيم الطامات من النوب ولا يقعد، مدثراً كل ذلك بخيالات الأطفال السذج، مخلياً له بسوء أدب، وكزوزة وجه، وبلادة حس، وقماءة رجولة، وركاكة دين، وفهاهة لسان، وخيلاء مجانين، وكبرياء صاغرين، وحقارة أشعبيين!!



وماذا على الناقمين على الشيخ فتواه – زعموا – وهي مطية الكذب- لو أنهم أتوه في داره، أو كلفوا إبهاماتهم الضغط على أرقام الهاتف يسألونه عن تلك الفتيا، التي وجدوها ذريعة لألسنتهم السالقة الحداد، أن ينالوا من الشيخ - ظنوا – والظن لا يغني من الحق شيئاً – في عرضه، ودينه، وزرعه اليانع !



ولا – والله – ما نالوا إلا من أنفسهم، ولا جلدوا إلا أبشارهم، ولا حطموا إلا عصفهم، ولا سفهوا إلا أحلامهم!



والله القوي الجبار المنتقم، لن يتخلى عن الشيخ، الذي نصبه لنشر راية سنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وكسر شوكة البدعة، والكشف عن زيوف دهاقنة العجم، وفضح فروخ المعتزلة، والإبانة عن عورات أنصار العقائد الفاسدة، وجهالات سمان الإفك والضلالة!



وحق لنا – نحن دُعاة التوحيد وحملة السنة – أن نتمثل – اليوم – في علمائنا وحالهم مع خصومهم، ما قيل :



أولئك (أشياخي) فجئنـي بمثلهــم

إذا جمعتنا يا ( أثيــم ) المجامع



ويكفي الشيخ – نصرة من ربه -، أنه إذا ذكر الكتاب والسنة؛ فقد أعلى الله في الأرض ذكره، وصيره أمينا حافظاً لأسانيد الأخبار ومتون السنن، ومكنه من فقهها ما لم يمكن لأحد في عصره، وآتاه من علومها ما لم يؤت أحداً في زمانه(1)، فهل يكون وجود خطأ في فتوى إن أخطأ فيها من فتاواه المتكاثرة سببا في تضلع أولئك المشايخ -، بتاري النصوص، والساطين على الحقوق، ولابسي ثياب الزور- من بئر بضاعة !!! وأن يحيصوا تلك الحيصة، التي أودت بأمثالهم من قبل؟! فعليهم من الله ما يستحقون، وحسيبهم الله، ونسأل الله أن يحاسبهم بعدله لا بفضله، فلقد – والله- أرضخوا دينهم للهوى، وتقواهم- إن كانت – للبلى!!!



وحتى لا يكون سبيل أو حجة علينا، أننا لم نجل حقيقة فتوى الشيخ، في هجرة أهل فلسطين عن أرضها – كما أذاعها ونشرها، وروجها المتقولون البتارون – فلا بد أن نبينها – حقيقة – كما أرادها الشيخ، وأفتى بها، لا كما خبط فيها الخابطون، وخاض فيها الخائضون، بل كانت لبعضهم لافتة من لافتات الانتخابات التي يضحك منها حتى الصبيان والنوكى !



فنقول وبالله التوفيق، ومنه العون والتحقيق :



أولاً: الهجرة قرينة الجهاد، ماضيان معا إلى يوم القيامة، كما قام r – فيما رواه أحمد وغيره - : "لا تنقطع الهجرة ما دام الجهاد"، وإجماع الأمة منعقد على ذلك، وأما قوله r: "لا هجرة بعد الفتح" فإنه يراد به – خصوصاً- الهجرة الأولى من مكة إلى المدينة، وعلى هذا جماهير العلماء:



قال الإمام ابن كثير في [ البداية والنهاية 4/320] بعد إيراده الأحاديث التي ورد فيها النهي عن الهجرة بعد الفتح :



"وهذه الأحاديث والآثار دالة على أن الهجرة قد انقطعت بعد فتح مكة، لأن الناس دخلوا في دين الله أفواجاً، وظهر الإسلام، وتثبت أركانه ودعائمه، فلم تبق هجرة، اللهم إلا أن يعرض حال يقتضي الهجرة بسبب مجاورة أهل الحرب، وعدم القدرة على إظهار الدين عندهم، فتجب الهجرة إلى دار الإسلام، وهذا ما لا خلاف فيه بين العلماء".



وقد ذكر الإمام ابن العربي المالكي في [أحكام القرآن 1/484] أثناء تفسير قول الله تعالى: {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} فقال – رحمه الله – ضمن بيانه أنواع الهجرة:



"... الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام، وكانت فرضا في أيام النبي r وهذه الهجرة باقية مفروضة إلى يوم القيامة". (1)



وها هنا تنبيه مهم جداً؛ وهو أن الفتيا في أصلها- ليست موجهة إلى أهل فلسطين وحدهم، ولكنها موجهة إلى كل من ينطبق عليهم مناط هذا الحكم المتصل بالخشية على الدين والنفس.



وبمثل هذا أفتى كبار علماء الإسلام في حالات مشابهة مماثلة في القرون الماضية؛ كفتيا شيخ الإسلام ابن تيمية المتوفي سنة (748هـ)، لأهل ماردين – وهي مدينة في الشام احتلها العدو الكافر آنذاك –؛ لما سئل عنهم: هل تجب عليهم الهجرة؟ فقال رحمه الله – كما في [مجموع الفتاوى 28/240] -: "والمقيم بها إن كان عاجزاً عن إقامة دينه وجبت الهجرة عليه، وإلا استحبت ولم تجب".



وبنحو ذلك أفتى العلامة محمد العبدوسي المتوفي سنة (849هـ) مسلمي غرناطة- آخر معاقل الإسلام في الأندلس- عند سقوطها بأيدي الكفار؛ كما في كتاب [الحديقة المستقلة النضرة](1).



ثانياً: من عظيم الحكمة الإلهية أن الله سبحانه لما شرع الهجرة أول ما شرعها إنما كانت من أقدس أرض، وأعظمها حرمة عنده، وهي مكة، وناطها بأعظم إنسان وأحبه إليه، وهو رسول الله r.



ثالثاً: من عجيب الأمر وأقبحه!! أن بعضاً ممن طعن على الشيخ في فتواه قد ذكر أن الهجرة من عمّان إلى تل أبيب، ومن الرياض، والقاهرة، والجزائر، وتونس إلى تل أبيب أحب إليه ! بل هي الهجرة التي يجب أن تكون لمن أراد أن يهاجر، لأن حرية الإنسان في تل أبيب مصونة أكثر منها في بلاد الإسلام !! وهذا قلب لحقيقة الدين، وواقع المسلمين.



رابعاً: ومن عجيب الأمر وأقبحه !! أن الذي يعارض فتوى الشيخ بمثل ذاك الكلام الفارغ الفاسد الخاوي – إلا من الجهل – يجد تأييداً من العامة، وتطبيلاً، وتزميراً كما يقــال!



ورحم الله من قال في بيان أصناف الناس: "وهمج رعاع أتباع كل ناعق…"!



خامساً: ومن عجيب الأمر وأقبحه !! أن المطبلين المزمرين لهؤلاء النفر – فضلا عن هؤلاء النفر أنفسهم – لم يتكلفوا جهداً في الوقوف على حقيقة فتوى الشيخ ليعرفوا صوابها من خطئها، بل راحوا يجمعون أضرابهم من أشباه العامة ويستعدونهم، فنشروا فتوى الشيخ مجزأة مقطعة في الكليات الجامعية، وبين المثقفين وأشباه المتعلمين، ليكثروا من سوادهم!



فيا حسرة على العلم، أودى به أهله، حتى انتقض في أيديهم حبله !!



سادساً: ومن البداهة بمكان أن مثل الشيخ؛ في معرفته، ودقة علمه، وغزارته، يبعد عنه – جداً – أن يطلق فتواه من قيودها، لتصير أغنية من أغاني الشيطان يغنيها – عزفا على مزاميره – فوق المنابر، وفي المساجد، والمجتمعات الخاصة والعامة أولئك الحاطبون بليل، الخابطون في وحل الجهل، والهوى، والضلال، الشاردون عن الحق بباطلهم.



إذن؛ فإن أولئك الحاطبين، الخابطين، الشاردين، اهتبلوها فرصة ثمينة ضد الشيخ يطعنون عليه بها، وينالون من عرضه، ودينه، وعلمه، وما علموا أنه – وهو عالم السنة في زماننا- لحمه مسموم، وقد صان الله عرضه، وحماه في دينه، وأظهره على الناس في علمه، فليفرحوا قليلا، وليحزنوا كثيراً !! جزاء ما صنعوا.



قال الإمام ابن عساكر في [تبيين كذب المفتري ص29 –30]:



"أعلم – يا أخي – وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته، أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، لأن الوقيعة فيهم – بما هم منه براء – أمر عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم، والاختلاق على من اختاره الله منهم لنعش العلم خلق ذميم.. والارتكاب لنهي النبي r عن الاغتياب جسيم، {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}".



سابعاً: وعلى فرض أن الشيخ حفظه الله أخطأ في فتواه، فهل يستحق من المشايخ والدكاترة الأجلاء الأخلاء النبلاء غير المتقين فيما صنعوا !! كل هذا ؟! وقد كان فريق منهم بالأمس القريب، يثنون على فضل علمه همسا (!!) خشية أني ينالوا شراً بالثناء عليه (جهراً !!)، ولقد علموا أن من أثنى عليه أو أصابه بلسانه بأذى فهما عنده سواء، وإلا فما كان ليكون الشيخ ناصر هو الشيخ ناصراً !!



ثامناً: وليس بغائب عن الشيخ – حفظه الله - عندما أفتى فتياه أن أذى كثيراً سيلحقه بفتواه، وبخاصة إذا لم تستوف بكل جوانبها وأجزائها من قبل سامعيه – كما حدث فعلاً من عدد المشايخ والدكاترة، الذين يحفظون جميعا: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ ...} والبقية في أهل الكتاب عندهم !! و{إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ ...} والبقية أيضا عندهم -، لكن المشايخ والدكاترة وبخاصة الفجرة في الخصومة منهم يعذرون (!) في موقفهم وكلامهم السيئ القبيح في الشيخ، فهم بحسدهم ليسوا ببالغي شيء مما أفاء الله به عليه، وهم بجهلهم أودى بدينهم لهم من الحسد !!.



فلا أدري إذن بأيهما يفرحون أبحسدهم أم بجهلهم؟! فإن كان الأول؛ وهو الحسد، فإنه لا شفاء منه، وإن كان الثاني؛ وهو الجهل، فإنما شفاء العي السؤال، كما قال r: " فهلا سألوا؟!"، بيد أنه يبدو أن الحسد والجهل اجتمعا على صعيد عقولهم وقلوبهم معاً، فأصابوا من سيئات حسدهم وجهلهم ما هم به جديرون!!! والحمد لله على كل حال !!





تاسعاً: هذه الفتوى من الشيخ ليست جديدة – كما أوهم أولئك الحاقدون ولبسوا ودلسوا – فقد سُئلها مرات منذ عدة سنوات، وهي مبثوثة في عدد من الأشرطة، ومن الظلم أن تؤخذ مقطعة، مجزأة، مضافاً إليها سوء الظن أو ظن السوء.



ومما يثير الدهشة والتساؤل في آن معا: لم تبعث هذه الفتوى من جديد، وتشاع في الناس في هذا الوقت، مع العلم أنها من الفتاوى القديمة؟!!



جواب ذلك عند المشايخ والدعاة الذي يعدون العدة لانتخابات!! أي والله؛ أو عند الانتخابات نفسها، فالفرق بين الانتخابات وبين الذين يعدون أنفسهم لها، كالفرق بين الأوكسجين والهيدروجين في الماء!!



عاشراً: ثم إننا نسأل المشنعين على الفتيا، والناشرين لها في آن معاً - : من الذي كد وجد في استنساخ أشرطة الفتوى وتوزيعها؟! هل هو الشيخ ؟! أم تلاميذه؟! أم هم الشانئون المنكرون أنفسهم ؟!



كل واحد يعرف الجواب من دون ارتياب، ويعرف – بالتالي دوافعه الحقيقية وبواعثه !



حادي عشر: ومن أراد معرفة حقيقة الفتوى تامة، فليتق الله ربه أولاً، ثم ليجمع أجزاءها ثانيا، ثم ليفهم ما يعني الشيخ ويريده بفتواه ثالثاً، وكان خيراً له لو أنهز همته العلمية القعساء!!! وشحذ سكين تقواه المثلمة!!! وفهم عن الشيخ مراده، من غير حاجب، ولا ترجمان، ولا أفاك (هائج)، ولا متعالم (مختلط)، ولا مغرض (باهت)، ولا طويل( أهبل)، ولا قصير ( منبعج) !!



ثاني عشر: نُرتب فتوى الشيخ بأجزائها المؤتلفة المتفرقة في نقاط واضحة محددة:



§ الهجرة والجهاد ماضيان إلى يوم القيامة.



§ ليست الفتيا موجهة إلى بلد بعينه، أو شعبٍ بذاته.



§ وقد هاجر أشرف إنسان وأعظمه محمد عليه الصلاة والسلام ، من أشرف بقعة وأعظمها؛ مكة المكرمة، وكل إنسان – منذ خلق الناس وإلى قيام الساعة – دون محمد عليه الصلاة والسلام منزلة، وكل بقاع الأرض دون مكة شرفاً وقدسية.



§ وتجب الهجرة حين لا يجد المسلم مستقراً لدينه في أرض هو فيها، أو امتحن في دينه فلم يعد في وسعه إظهار ما كلفه الله به من أحكام شرعية، أو خشي أن يفتن في نفسه من بلاء يقع عليه أو مس أذى يصيبه في بدنه فينقلب به على عقبيه.



وهذه النقطة هي مناط الحكم في فتوى الشيخ والمرتكز الأساس فيها لو كانوا يعقلون! وبها يرتبط الحكم وجوداً ونفياً.



ولكن – وللأسف الشديد – قد غيب ذلك وأخفاه وكتمه الناقدون الحاقدون الحاطبون في محاضراتهم و(ملاحمهم) المنبرية الانتخابية!!



قال الإمام النووي في [روضة الطالبين 10/282]:

"المســلم إذا كـان ضعيفاً في دار الكفر، لا يقدر على إظهار الدين حرم عليه الإقامة هناك، وتجب الهجرة إلى دار الإسلام".



§ وحين يجد المسلم موضعاً داخل القطر الذي يعيش فيه يأمن فيه على نفسه ودينه وأهله، وينأى فيه عن الفتنة التي حلت به في مدينته أو في قريته، فعليه – إن استطاع – أن يهاجر إلى ذلك المكان داخل قطره نفسه، وهذا أولى – ولا شك – من أن يهاجر إلى خارج قطره، إذ يكون أقرب إلى بلده ليسرع بالرجوع إليه بعد زوال السبب الذي من أجله هاجر.



وهذه نقطة أخرى أيضاً قد غيبها أولئك (القوم) الذي لم يرقبوا في الشيخ، والعلم، والناس، إلا ولا ذمة !!



§ إذن؛ فالهجرة كما أنها مشروعة من قطر إلى قطر، فهي مشروعة من قرية أو من مدينة إلى قرية أو مدينة داخل القطر نفسه، والمهاجر يعرف من نفسه ما لا يعرفه منه غيره.



وهذا – ثالثاً – قد غيبه أولئك المهرجون على المنابر، والراقصون على الصحائف ! زاعمين أن الشيخ يأمر أهل فلسطين بالخروج منها !! نعم؛ هكذا والله من غير تفصيل أو بيان !! ولكن :

مما يبلغ الأعداء من جاهــــل

ما يبلــغ الجاهـل من نفسـه!



§ والهجرة من قُطر إلى قطر لا تشرع إلا بدواعيها وأسبابها من مثل ما ذكرنا في فقرة مضت؛ ومن أعظم هذه الأسباب، أن تكون الهجرة لإعداد واتخاذ الأهبة التي أمر الله بها؛ {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ}؛ لإجلاء الأعداء عن أرض من أرض المسلمين، وتخليصها من أيديهم؛ ليعود إليها حكم الإسلام كما كان من قبل.



فالهجرة إذن من الإعداد الذي أمر الله به وحض عليه، ومن أبطأ فيها- وقد تهيأت أسبابها ودواعيها فقد عصى الله، ونأى بجانبه عن أمره.



فإن علم المسلم أو المسلمون أنهم ببقائهم في ديارهم يزدادون وهنا إلى وهن وضعفاً إلى ضعف، وأنهم إن هاجروا ذهب الوهن عنهم، وزال الضعف منهم، وبقوا – بعد علمهم هذا – ولم يهاجروا، إن استطاعوا – فهم آثمون عاصون أمر الله، وربما عوقبوا بمعصيتهم هذه عقوبة أعظم وأشد نكراً، تتلاشى فيها شخصيتهم، وتغيب معها صورتهم، وتضل بها عقيدتهم، ثم لا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيراً.



وما صار إليه المسلمون في الأندلس، وفي غيرها من البلاد، شاهد منظور يقص علينا من نبئه ما يبعث منسي الشجن، وينسي لذة الوسن، ويذكر محظور السنن! فهل من مذكر؟



§ ومما لا شك فيه مما كتمه أيضاً ناقلوا الفتيا المشيعون لها أن هذا كله منوط بالقدرة والاستطاعة، لقوله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}، ولقوله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}؛ فإن لم يجد المسلم أرضاً يأوي إليها غير الأرض التي هو فيها؛ يأمن فيها على دينه، وينجو من الفتنة الواقع فيها، أو حيل بينه وبين الهجرة بأسباب مانعة قاهرة لا يستطيع تذليلها، أو استوت الأرض كلها في الأسباب والدواعي الموجبة للهجرة، أو علم في نفسه أن بقاءه في أرضه آمن لدينه ونفسه وأهله، أو لم يكن من مهاجر إلا إلى أرض يحكم فيها بالكفر الصراح علانية، أو كان بقاؤه في أرضه المأذون له بالهجرة منها محققاً مصلحة شرعيّة، سواء أكانت هذه المصلحة للأمة، أم بإخراج أهل الكفر من كفرهم، وهو لا يخشى الفتنة على نفسه في دينه، فهو في هذه الأحوال كلها، وفي الأحوال التي تحاكيها، ليس في وسعه إلا أن يبقى مقيماً في أرضه، ويرجى له ثواب المهاجرين، فراراً بدينهم، وابتغاء مرضاة ربهم.



قال الإمام النووي – في [الروضة 10/282] – متمماً كلامه الذي نقلته عنه – قبل - :



"… فإن لم يقدر على الهجرة فهو معذور إلى أن يقدر".



§ ويقال في أهل فلسطين – خصوصاً – ما يقال في مثل هؤلاء جميعاً، فلقد سُئل الشيخ – حفظه الله – عن بعض أهل المدن التي احتلها اليهود عام 1948م، وضربوا عليها صبغة الحكم اليهودي بالكلية، حتى صار أهلها فيها إلى حال من الغربة المرملة في دينهم، وأضحوا فيها عبدة أذلاء؟ فقال: هل في قرى فلسطين أو في مدنها قرية أو مدينة يستطيع هؤلاء أن يجدوا فيها دينهم، ويتخذوها داراً يدرءون فيها الفتنة عنهم؟ فإن كان؛ فعليهم أن يهاجروا إليها، ولا يخرجوا من أرض فلسطين، إذ إن هجرتهم من داخلها إلى داخلها أمر مقدور عليه، ومحقق الغاية من الهـجرة.



وهذا تحقيق علمي دقيق ينقض زعم من شوش وهوش مدعياً أن فتيا الشيخ إخلاء لأرض فلسطين من أهلها، أو تنفيذاً لمخططات يهود !! {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}.



أف لكم أيها الناقدون الحاقدون! هل علمتم هذا التفصيل أم جهلتموه؟!



إن كنتم علمتموه فلم أخفيتموه وكتمتموه؟!



وإن كنتم جهلتموه ! فلماذا رضيتم لانفسكم الجهل، وللشيخ الظلم، وللناس التضليل؟!



أم أن هذه تجارتكم تخشون كسادها؟! بئست البضاعة، وبئست التجارة!



§ وليعلم المسلم أن الحفاظ على الأرض والنفس، ليس أولى من الحفاظ على الدين والعقيدة، بل إن استلاب الأرض – ممن يظل مقيماً فيها رجاء الحفاظ عليها، غير واضع في حسابه الحفاظ على دينه أولا – قد يكون أيسر، واشد إيذاء وأعظم فتنة.



والعدو الكافر الذي يحتل أرضا – وأهلها مقيمون فوقها – يملك الأرض ومن عليها وما عليها، فالكفر لا يحفظ للإسلام عهداً، ولا يرعى للمسلمين إلا ولا ذمة، ولا يقيم لهم في أرضهم وخارج أرضهم وزناً.



وأما الحفاظ على النفس؛ فلا نريد إطالة القول فيه، أو التدليل عليه بأكثر من التذكير بواقعتي هذا القرن المريرتين: النكبة والنكسة !!



فأيهما أولى وأحرى: الهرب والفرار محافظة على النفس والولد؟! أم الهجرة واتباع الشرع بكل استعلاء وإباء حفاظاً على الدين؟!







وأخيراً :



فإني أذكر السادة الأجلاء الأخلاء – غير المتقين فيما صنعوا - !! بأمور لعلها تكون نافعة في توبة نصوح، يعجلون بها إلى ربهم، قبل أن يأتي يوم لا تنفع فيه خلة ولا شفاعة، والشاغبون على الشيخ هم الظالمون:



الأول: هل يجوز شرعاً أن يكون الشريط المسجل دليلا شرعياً قائماً على صحة نسبة دعوى ما إلى من تنسب إليه، حتى لو كان الصوت المسجل هو صوت من نسبت إليه تلك الدعوى؟ والجواب بالإيجاب أو النفي، هو الذي يحكم به على صحة تلك الدعوى أو على بطلانها؛ وبخاصة أن الحزبية المعاصرة تفعل سائر ما تستطيع أن تفعله من تزوير أو تحوير – كما يعرفه أربابها من أنفسهم – من أجل تحقيق غاياتها وأهدافها !!



الثاني: كما أن الجواب – إيجاباً أو نفياً – يعين على فهم قوله تعالى: {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}، وعلم تحليل الأصوات لا يقدم ولا يؤخر في الاعتداد بالحكم على صحة الدعوى أو على بطلانها، ولا أدري إن كان هذا قد مر بخواطر العادين على الشيخ أم لم يمر؟



فكيف إذا كان الشريط المسجل الذي نشروه وأذاعوه واحداً من عدة أشرطة لا يتم الحكم على الفتوى المقصودة بالبحث إلا بالوقوف عليها جميعها، وهذا ما لم يفعله واحد من أولئك المشايخ!!



الثالث: هل يجوز شرعاً أن يتخذ السبق الصحفي مقيساً عليه في الحكم على الأمور والأشياء حكما شرعياً؟ فالسبق الصحفي لا تفريق فيه بين الصدق والكذب، ولا بين الحقيقة والخيال، ولا بين الحق والباطل.



والحكم الشرعي يخضع للوحي، فالحق والحقيقة رداؤهما الصدق، والباطل والخيال رداؤهما الكذب، وأين هذا من ذاك؟ هل يستويان مثلا؟



فكيف إذا امتطت صهوة ذلك السبق إحدى جرائد الصف( العاشر) التي لا تزيد (أعلاها) عن أن تكون أقل من (خضراء الدمن) !! بل هي صحيفة تحمل (لواء) الولاء، لكل صاحب (بلاء)؛ كحاطب الليلة الظلماء!



الرابع: نسأل المشيوخاء والدكاتير: هل أحسنوا صنعاً في أنفسهم وفي الناس - حين هاجت هائجتهم، وخرخرت أصواتهم، وتسعرت لهواتهم، ورقصت قلوبهم، فوق منبر رسول الله r فرحاً، واهتزت أجسامهم طرباً على كراسيهم العلمية – إن كانت !! وهم يتغامزون بفتوى الشيخ، ويكيلون له بها التهم، الواحدة تلو الأخرى، ويأخذها بعضهم عن بعض، من غير أن يكون لدى الواحد منهم الشجاعة الأدبية – كما يقال – ليتثبت أو يتبين؛ فيتصل بالشيخ هاتفيا – إن كان تخيفه لقياه وجاهياً – يسأله عن صدق نسبة هذه الفتوى كما صاغوها وصنعوها له؛ أو كذبه؟!!



وهل هذا هو الخلق لعلمي الذي عرفوه - إن كانوا عرفوه! – من سيرة رسول الله r، وسلوك أصحابه، والتابعين وأتباعهم من بعده؟ إنها والله الوائدة، الموضحة، المرقدة !!!



ومن هان عليه دينه هان عليه كل شي، فليفرحوا بسيئاتهم المتكاثرة، وليبكوا حسناتهم المتناقصة!!



ولا أدري ماذا يفيد منهم تلامذتهم، ومريدوهم، والمصفقون لهم، وهم على مثل هذا الخلق الحانف بهم عن مودة الإيمان وأهله؟! وهل أحدهم يقدر على أن يقف أمام جبار السماوات والأرض يوم القيامة، بواحدة مما ألقى بها إلى مسامع الناس طاعناً ذاماً بها الشيخ، فكيف بها مجتمعة ؟!



ما أرخص دينكم عليكم يا هؤلاء! وما أضل سعيكم والله! وما أهون عليكم حسناتكم، وما إلى عليكم سيئاتكم !!



الخامس : وليس من شك – بعد هذا البيان - أن المكابر في الرضوخ لهذا الحق الصراح هو إنسان قد أصابه الخرف ولو في شرخ شبابه (!)، لكنه خرف الإنصاف والتصور المستقيم!!



وأما الكبراء الكبراءُ من أساطين السنة وعلماء الحديث؛ فلقد شملهم – بفضل الله ومنته – دعاء رسول الله (ص) : ( نضر الله امرء سمع مقالتي فوعاها، فأداها كما سمعها..) وإن رغمت أنوف الناقدين الحاسدين الحاقدين!

ومن أعجب شيء يكون في هؤلاء الناقدين أنهم متعالمون، وعلى رفعاء القدر متطاولون، مع أنهم في الجهل غارقون..



وليس أدل على ذلك من ذياك المنتقد(1) الذي يقتبس من قوله تعالى: {وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} معنى يرمي به من لا يبلغ هو ظله! وهذا اقتباس – منه – يدل على مدى (علم) هذا المنتقد وحقيقة تعالمه وتطاوله، حيث أن المنقول عن السلف – في تفسير هذه الأية – يناقض تماماً مراد ذاك المتطاول، فقد نقل ابن الجوزي في تفسيره المسمى [زاد المسير 4/468] عن ابن عباس في تفسير هذه الآية قوله – رضي الله عنه - : " ليس هذا في المسلمين، المسلم لا يزداد في طول العمر إلا كرامة عند الله، وعقلا ومعرفة".



أم أنه الجهل بأشنع صوره وأبشعها؟!



السادس: ولعل المشيخاء، أو المشيوخاء، والدكاتوراه!! (2) يظنون إن لم يكونوا يعلمون، أن (الحبة) يمكن أن تصير قبة!! وأن (الجبة) يمكن أن تصبح رجبة!! وأن (الروضة) يمكن أن تمسي رمضة!!، وإن كانوا – وهم في ظنهم أنفسهم الصفوة (المختارة)، ووجة ( السحارة)، والبضاعة الحسن (الممتازة) – قد صنعوا هذا الذي صنعوا، , أصاروا (الحبة) قبة، و(الجبة) رجبة، و(الروضة) رمضة، فكيف بمن وراءهم من (الغُمار) – بضم العين فتحها -، ممن لا يفرق بين الفرس والحمار، ولا بين سواد الليل وضوء النهار؟!



لقد جرأتم – أيها السادة الأجلاء الأخلاء – غير المتقين فيما صنعوا! – العامة على أن يكونوا مثلكم!! فإن لله ما أخذ وله ما أبقى، ولكل أجل كتاب.



السابع: أعلموا – إن لم تكونوا تعلمون، أيها المشيخاء والدكاتوراة – أن الموت قريب، وأن عذاب الله أنا غادٍ إليه أو رائح، وأن خير الزاد التقوى، وأن الناس مجموعون إليه، واقفون بين يديه، مسئولون عما قدموا، ليس بينهم وبينه ترجمان ولا حاجب، فأنهدوا أنفسكم إلى توبة أعرضت عنكم بسوء ما تصنعون، وأولتكم قفاها من شر ما تفعلون، وبرئت منكم ومما تقولون وتعملون، من قبل أن يأتيكم الموت وأنتم لا تشعرون.



الثامن: وخيركم – أيها ... إلخ ..! – أن توقنوا أن ما تبيتونه من مكر السيئ للشيخ مرده إليكم، وأن شعار الشيخ تلك الكلمة الحكيمة: " قل كلمتك وامض، فإن لم تر معناها أنت، فسيراه غيرك من بعدك".



وعليه؛ فإن هذا الصخب الهائج ذا الكلام المائج الذي أثاروه من على منابرهم، وسودوه فوق صحائفهم؛ سينعكس عليهم، وترتد سهامه إليهم، ويرتكسون به في أودية الويل والثبور….



أما عامة الناس فهي لهم فرصة غالية يتعرفون فيها إلى الشيخ، وينظرون من خلالها تواليفه ومصنفاته، وينهلون عبرها علمه وفنونه، بعد إذ سمعوا اسمه ولو بصورة بتراء مشوهة من خصومه، والنائلين منه، وناقديه!!



وإذا أراد الله نشــر فضيلــة طويت أتاح لها لسان حســود

و{لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ}



وكلمة أخيرة لا بد منها؛ نقولها لهؤلاء القوم الذين يغرقون غيرهم بالمثاليات (!)، ويدعون سواهم إلى (أدب الحوار)، (ومعذرة المخالف) و… و…. !!



فنقول : فلنفرض – جدلاً – أن فتوى الشيخ خطأ محض، فما الحكم الصائب عليها؟



الجواب مبني على معرفة من أي أبواب العلم هي ؟! أهي من مسائل التوحيد والاعتقاد؟! أم من مسائل الفقه والأحكام؟!



وهو جواب بين جداً لكل من شدا من العلم حروفاً.



وإذا وضح ذلك؛ فإن (أغلظ) كلمة يمكن أن تقال في (أكبر) غلط من أغلاط الفقه والأحكام: هذا خطأ، أو خلاف الصواب، ونحو ذلك ..



أما (التضليل) و (التفسيق) و (الاتهام) فهي كلمات لا يقذف حممها إلا جهلاء بلهاء، وليس ذلك من شيم العلماء، ولا من أخلاق(1) الفقهاء!



خُذ ما تراه ودع شيئاً سمعــت بـه

في (روعة الحق) ما يغنيك عن (كـذب)



{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}



{إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}



والحمد لله أولا وأخراً، وصلى الله وسلم على النبي الهادي المجتبي.




كلمة مضيئة ...


ما أشبه الليلة بالبارحة .. حيث الأمة ممزقة، والعدو مسيطر .. والواقع مرير ..



فها هي ذي خمسة قرون مضت على فاجعة الأندلس، بكل مآسيها، وظلامها، وشدة ضنكها ...



ومنذ نحو خمسة (عقود) سيطر إخوان القردة والخنازير على الأرض المباركة؛ أرض فلسطين الطهور .. مما جعل أهلها يقاسون من حقد اليهود، وشديد عداوتهم ما الله به عليم.



ففي فاجعة الأندلس تلك أفتى العلامة أحمد بن يحيى الونشريسي المتوفى سنة (914 هـ) بوجوب الهجرة من الأندلس على كل من تعرض لفتنة في دينه أو نفسه؛ حيث صنف رسالة مستقلة في هذا الموضوع؛ سماها [أسنى المتاجر في بيان أحكام من غلب على وطنه النصارى ولم يهاجر، وما يترتب عليه من العقوبات والزواجر].



وبنحو فتيا العلامة الونشريسي أفتى العلامة المحدث الفقيه محمد ناصر الدين الألباني مقهوري المسلمين في القرن العرين، تطبيقاً لحكم الله، والتزاماً بسنة رسول الله r، وعملاً بما اتفقت عليه كلمة علماء الأمة.



.. والفرق بين الفتويين أن الونشريسي لقيت فتواه آذان مؤمنين صادقين، استجابوا له، وعظموا شأنه، فوقعت فتواه منهم موقع القبول والرضا.



أما فتوى العلامة الألباني، فلم تجد من قبل بعض غوغائيي العصر إلا الرفض، والاتهام، والتحوير، والتزوير .. ولكن هذا كله مما يرفع الله به درجة الشيخ عنده – سبحانه – بإذنه، ويسقط به قدر الطاعنين الحاقدين الجاهلين ..





{فأمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ}



والله ولي الصادقين.



(1) ومعلوم أنها جمع تكسير، مفردها (فقير) !!
(1) وعجبنا يمتد رواقه، ويتسع مداه، وتشتد أطنابه من أولئك الذين يرون الشيخ محدثاً ولا يرونه – بما آتاه الله من علم الكتاب والسنة – فقيهاً !!!
يا سبحان الله ! ما أزرى شيء بأهله مثل الجهل والهوى !! وهل الفقه إلا قال الله وقال رسوله؟!!
(1) ونقله عنه القرطبي في [تفسيره 5/349-350] وأقره.
(1) انظر مقدمة تحقيق [الإفادات والإنشادات ص12-13] للشاطبي.
(1) وما كان أحراه – هداه الله – أن يظل صامتاً، وقد كان الظن به حسناً إلى حين !!
فأقول له: لا أدري لماذا حشرت نفسك في جحر الضب هذا !!
وهلا رددت – حفظك الله – قول القائل:
كناطح صخرة يوماً ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
أم إنك قد عز عليك – وهذا أمر نستبعده – أن يبزك في سوئه ذاك الأثيم بلسانه، الفقير بعلمه؟!
وخير لك – أيها الأخ – أن ترجع إلى الحق؛ فتعلن توبتك مما اقترفت على الملأ، فإنك قد وقعت – فيما وقعت – على الملأ !! وإلا فإنك ستظل متسربلاً ثوب الظلم كأولئك الخراصين، وحينئذ انتظر ثمرة دعاء الشيخ على ظالميه: "اللهم أرنا ثأرنا فيمن ظلمنا".
{فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ}
(2) وهو جمع مزجي على غير قياس، سماعي مستحدث، - يلمح إلى صنيع اليهود، الذين حرفوا الكلم عن مواضعه ! – أما المشيخاء، والمشيوخاء فجمعان صليبان لغة.


(1) ويجمل بنا – أخيراً – أن نشكر لنفر من أهل الفضل فضلهم – وهم عدد قليل من الأساتذة – إذ ناقشوا فتوى الشيخ، ودرسوها، وأصدروا رأياً لهم فيها؛ ولكنه كان رأياً مخالفاً له؛ لكونه مبنياً على قصور في تصور فتيا الشيخ وحيثياتها، ومن قواعد العلم المعلاوفة: "الحكم على الشيء فرع من تصوره".

وهم – جزاهم الله خيراً – وإن خالفوا في بيانهم المنشور حكم الشيخ وفتياه – لما ذكرنا – فإنه ليس عليهم في مخالفتهم هذه تثريب أو غضاضة، إذ قيل قديماً: "الخلاف لا يفسد للود قضية".

وإذ نحن نشكرهم، فإنما ذلك لأدبهم في الحوار، وتلطفهم في البحث !

إنا لفي زمن القبيح به من أكثر الناس إحسان وتفضيل










ماذا ينقمون






المواضيع المتشابهه:


lh`h dkrl,k lk hgado hgHgfhkd ?!





رد مع اقتباس

قديم02-09-2011, 06:14 PMرقم المشاركة : 2
المشاغب
المشرف العام

الصورة الرمزية المشاغب






علم الدولة

المستوى :

الحياة/ 0 / 635

النشاط 290 / 26192
المؤشر 41%

المشاغب غير متواجد حالياً


المشاغب


افتراضيرد: ماذا ينقمون من الشيخ الألباني ؟!

كفيت ووفيت يا اخي
شكرا لك على طرحك الموضوع الطويل





رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع‎
رابط مباشر للموضوع : 
كود BB للمنتديات :  
كود HTML : 
طباعة الموضوع طباعة الموضوعإشترك في الموضوع إشترك في الموضوعإرسل الموضوع لصديق إرسل الموضوع لصديق


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Rss  Rss 2.0 Html  Xml Sitemap

:: خريطة المنتدى - Site Map ::

تحميل جميع البرامج - مشاهدة صور و شروحات في منتديات توات بدون تسجيل


الساعة الآن 01:23 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لـtawwat Powered by vBulletin ® مننديات توات حقوق الطبع والنشر© 2011 - 2010